د .محمد سعيد محمد .. استاذ الادب الاندلسي بكلية الاداب جامعة سبها .. ولد بقرية محروقة وادي الشاطئ عام 1956 م ، درس المرحلة الابتدائية بقريته ، والاعدادية بواحة براك المركز الاداري لوادي الشاطئ ، ثم الثانوية بمدينة سبها ..حاضرة اقليم فزان .. وحيث المدرسة الثانوية الوحيدة لطلاب الجنوب ، وكان من الرعيل الاول لكلية التربية سبها .. الدفعة الاولى .. ثم التحق بالدراسات العليا جامعة طرابلس وأنجز دراسته للماجستير حول رسالة التوابع والزوابع لابن شهيد الاندلسي . ثم رسالته للدكتوراه في الادب الاندلسي عصر سيادة قرطبة من جامعة محمد الخامس بالمغرب .
له العديد من المؤلفات في الادب والمأثور الشعبي ، سلاسة الاسلوب وجزالة اللفظ ، ورصانة الفكرة ، وقد عرف بين زملائه بالصدق والمودة ونبل المحتد ، والسيرة الطيبة ، وكم كان رحيله فاجعة موجعة حقا .. لقد رحل مبكرا وهو يعاني اوصاب المرض .
الانسان كما الفكر .. وليد البيئة التي ترعرع فيها دائما ، والبحث في طباع القطروني ، وخصاله الحميدة التي تحلى بها ، يقود الى تحري البيئة التي صقلت معدنه ، والمكان حيث عاش وتشرب اخلاقه وأعرافه ، صحراء فزان ، والقيم التي تحكم علاقات الناس فيما بينهم ، في تلك الحقبة التاريخية . يصف لنا المشهد ، الرحالة غيرهارد رولفس الذي زار فزان عام 1865م ، واختار القطروني رفيقا له . يقول : " في طباع اهل فزان تتبين انهم شعب طيب ومستقيم وداخل منطقة فزان يشعر المرء بالامان من قطاع الطرق واللصوص ، وفي وسع المرء ان يدع في وسط منطقة اهلة اغراضه دون حراسة ودون ان يكترث انها قد تسرق .. وفي يناير 1870 يكتب الدكتور ناختيغال وهو اخر اوربى زار فزان الى الدكتور باستبيان في مجلة الجمعية الجغرافية تعتبر السرقة في فزان امرا مشينا .. وإنني اؤيد رتشارد سون في رأيه عندما يقول : ما من بيت له قفل او درباس فأبناء فزان لا يسرقون مطلقا " .
رحل ابن فزان . د . محمد سعيد مبكرا .. ويتعذر قنص الاحرف والعبارات التي تليق بذكره .. خيم الحزن على الزمان والمكان .. كم كان طيب القلب .. ودود .. مواظب جاد .. البسمة لا تفارق محياه .. قامة ادبية ، واحد اعلام الجنوب ، ومن بين الاساتذة المميزين بالجامعة الذين قدموا للمكتبة العديد من المؤلفات القيمة .
رحم الله الدكتور محمد سعيد محمد .