الدكتور بلقاسم قديح


مركز الدراسات الافريقية .. اسس اوائل عقد الثمانينات من القرن الماضي .. ظل في السنة الاولى ملحق بجامعة سبها وبرئاسة العميد .. وخصص له " تريله " طرف الربع الخالي .. وكاد يموت لحظة الولادة .. ثم صدر قرار فصله عن الجامعة وتكليف المرحوم الدكتور بلقاسم اقديح برئاسته .. عندها نقل مقره خارج الجامعة وخصص له مبنى المدرسة الاعدادية القديمة بـ " حي سكره " .. مقر متسع شيد بالخمسينات ، ورغم قدم المكان والحالة الرثة ، والارضية الاسمنتية تمكن المرحوم من اعادة بعث الحياة به .. ومثلت تلك الفترة ذروة الازدهار الزاخرة بالإنتاج المعرفي الرصين والمؤطر لامتداد العلاقة الليبية الافريقية .. وقد أثرى المكتبة بالعديد من المقالات الرائعة لمؤلفين عرب وأفارقة زخرت بها صفحات مجلة " الدراسات الافريقية " .. واشرف على العديد من المؤتمرات التي تخالج هموم افريقية .. " مؤتمر التعليم من اجل التحرر في افريقيا " .. وكذا مؤلفات وترجمات لنوادر مما كتب عن افريقيا .. " وول ستريت ضد افريقيا " ت : د. عبدالرحمن السعدون .. قراءة في " التجربة الغامضة .. لحامد ممدو " " التيار الاسلامي في الادب السنغالي " تأليف البروفسور عبدالله بولا صاحب النفس الطويل والتحليل العميق والقوالب الادبية الفريدة .. وغيرها من المؤلفات النادرة والقيمة .. اضافة الى جهود المركز ومساهمته المتواضعة في انقاد المخطوطات بمكتبة معهد احمد بابا للدراسات العليا والبحوث بتمبكتو ( اكبر معهد في افريقيا جنوب الصحراء ثراء بالمخطوطات .. تمبكتو وهي تحاول الانبعاث من ركام الذاكرة .. لإحياء مكانتها التاريخية كمركز للإشعاع الحضاري ، ينبض تاريخا ويضخ تراثا .. وقد شكلت ذات يوم عمقا روحيا رادعا في مواجهة اطماع السلطات الاستعمارية المختلفة التي اقتسمت القارة فيما بينها في ظل مؤتمر برلين 1885 .. كتابات ثمينة صنعت مجد وادى نهر النيجر بين القرنين الثالث عشر والتاسع عشر ، مهددة بالتلف والسرقة .. تمبكتو سوق العلم .. عندها التقت قوافل الملح والذهب .. تمبكتو حيث قبائل انصهرت وتصاهرت جميعا لتشكل مزيجا عرقيا لا فكاك بين اجزاءه


كان جهدا مضنيا ذلك الذي قام به المرحوم قديح ، واختياراته في التعاون مع الاساتذة المميزين المهتمين بالشأن الافريقي .. كالأستاذ عبدالله بولا ( شفاه الله ) والذي يتواجد الان بباريس ولا تزال حرمه تراسلنا متمنية ان تحصل على بعض من كتاباته ومساهماته بالمركز الغير متوفرة لديها ، وحقيق بالبحث العلمي ان يتم جمع ما خطت انامل البرفسور بولا الرائع .. وللأسف لم نفلح .. المركز نقل الى طرابلس عام 2012 بعدما عاش لسنوات حالة بيات شتوي .. ومات وطمر الثرى لحظة وفاة المؤسس المرحوم قديح .. وربما تكون وزارة الثقافة محقة في ذلك .. رغم انه مات في طرابلس ايضا .. ولا نعلم اين انتهى ومآل مكتبته العامرة .

المرحوم قديح من ابناء الجنوب الليبي واحة " برقن " وادي الشاطي .. ومن الاساتذة المميزين .. لقي حتفه اثر حادث اليم رفقة العائلة .. كان ذلك قبل 25 عاما مضت .. وفقدت فزان برحيله احد الاعلام البارزين .. وغاب ذكره .. وانطفآ الاشعاع الثقافي للمركز .. وانتهى زمن المؤتمرات عن التعليم في افريقيا وغيرها .. وهجره الاساتذة المتعاونين من الافارقة والعرب .

بتاريخ 9 يونيو 2016 .. يكتب الابن في رثاء والديه : " يصادف اليوم مرور ثلاثة و عشرين عاماً على وفاتهما. بينما رحل الوالد رحمه الله الى الرفيق الاعلي كان يفصل الوالدة بضع ساعات لتلتحق به الي جوار ربها حيث لم تفصلهما الا سويعات.

  • ابي العزيز
  • الله يَشهد أَنّ فراقك موجعٌ . . . يا صاحب الإقدامِ والعِرفان
  • وجدانك الحيُّ المقيمُ على المدى . . . ولرُبَّ حَيٍّ مَيِّتُ الوجْدان
  • أمي الحنونة
  • أَحِـنُّ إِلَى الكَـأْسِ التِي شَـرِبَتِ بِهَـا ... وأَهْـوَى لِمَثْـوَاكِ التُّـرَابَ وَمَا ضَـمَّا
  • وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا

رحم الله .. استاذنا وصديقنا .. ابن فزان .. الدكتور قديح