الدكتور عبد الرحمن عبد القادر الزبير في احدى بلدات وداي عتبة العام 1944 م ، وترعرع مطلع حياته في رحابها وختم القرآن الكريم اكثر من مرة بين أيادي مشائخها الفضلاء. كان في صباه الاول مولوع بالرسم والخط ، وكان يميل لتحصيل اللغات ، فعرف التارقية ، وبعد ان انخرط في المدرسة النظامية اظهر براعة في تعلم الانكليزية. كل الذين عرفوه في طفولته، أكدوا بأنه سوف يدرس اما اللغة الانكليزية ، او الرسم والفنون . عندما التحق بكلية اللغة العربية والدراسات الاسلامية (جامعة محمد بن علي السنوسى) في مدينة : البيضاء ، اظهر نبوغا في مجال الكتابة ، وكان محط تقدير مشائخه وأساتذته ، فحاز عالمية أصول الدين والعقيدة بكل جدارة في العام 1976. ثم انكب على دراسة الفلسفة دراسة خاصة . وكان شيخه فيها والأب الروحي بالنسبة اليه هو الشيخ/ محمد عبد الرحمان بيصار ، وهو العالم الأزهري العظيم.
درسه كذلك العديد من العباقرة في مجالات العقيدة والفكر الفلسفي ، والمنطق . اختير معيدا في كلية التربية الوليدة بسبها ، وساهم في التدريس. بعد ذلك تفرغ لدراسة المنطق وعن هذا الحقل نال درجة الماجستير من جامعة الفاتح طرابلس تحت عنوان : " نقد مفكري الاسلام للمنطق الأرسطي وأثره في مناهج البحث " . وأشرف على رسالته الاستاذ/ محمد ياسين عريبي والذي يعتبره الراحل ابا روحيا ، وبمعية الاستاذ/ احمد مصطفى الحار ، والذي كان بالنسبة اليه المعلم والصديق.
سافر الراحل العزيز الى مصر الكنانة التي احباها من عميق قلبه وحصد درجة دكتوراه الدولة من كلية دار العلوم بالقاهرة ، عن أطروحته المعنونة : " الصلة بين التصوف السني والمذهب الأشعري ، حتى نهاية القرن الخامس هجري " ، وأشرف على هذه الرسالة الاستاذ/ حسن محمود الشافعي ، الذي يعتبر الدكتور عبد الرحمن نابغة من النوابغ التي تشرف بالاشراف عليها ، (وهذا ما سمعته شخصيا من الشيخ الشافعي في احدى اللقاءات الخاصة معه(.
للراحل الكريم جهود مشهودة في مجال ترسيخ فن الزخرف الاسلامي، وكذلك تأصيل فنون الخطوط العربية والنقش الاسلامي.
كان من أوائل الذين أقاموا معارض خاصة بهذا الفن الأصيل في جنوبنا الحبيب ، وكان الراحل متميزا منذ صباه ، وحين انخرط في الحركة الكشفية عزز موهبته بتشجيع قادته. وأقام عدة معارض في مصر واليمن وليبيا. وللراحل العزيز لوحات عديدة متوزعة ومتناثرة تستوجب التجميع والدراسة معا. وهو من اوئل الذين دشنو لظاهرة الصالونات الثقافية ، فكان بيته عامرا باستمرار بهذا النوع من الجلسات المبدعة ، وتشرفت بزيارة صالونه عديد المرات.
وكان قبل ذلك بسنوات عديدة وبمعيّة نَفَر من الأساتذة الليبيين والأجانب قد استحدثوا جلسات في العام : 1979 تهدف هذه الجلسات لتقرير قيمة تبادل الأفكار وتقريب المفاهيم ، وحضيت بحضور نخبة جد متميزة يتقدمها:
البير نصري نادر، صلاح قنصوه ، ابو القاسم اقديح ، عبد القادر الحضيري ، حامد مشمور ، منصور حمادي ، وغيرهم.
للراحل جهود متميزة في بعث برامج الدراسات العليا في جامعة سبها وكان عضوا فعالا في هذا البرنامج.
اهتم الاستاذ الزبير كثيرا بعلم الجمال ودرسه ، كذلك أعطى جل وقته لتدريس المنطق القديم ، ودرس مادتي : الأديان الوضعية والأديان السماوية. وله اهتمامات واسعة بتحقيق المخطوطات وكان قد درس هذا الجانب في اليمن السعيد حين كان معلما هناك لمدة عامين.
ترجل الراحل الكبير عن دنيانا الفانية في العام: 2002، وبرحيله خسرت الجامعة والثقافة النبيلة عنصرا نادرا ومميزا للغاية.
للاستاذ الراحل الكبير مخطوطات عديدة تحتاج للانتباه والتهذيب والنشر. ذلك لانه احد اعلام الفكر الفلسفي الليبي المعاصر.
رحم الله استاذنا الكبير ابا محمود وغفر له واسكنه الجنة التي وعد المتقين ، وبارك الله ذريته واهله الى يوم الدين.
ما كتب عنه بقلم تلميذه : د . الغناي سالم