لوحة لشخصية الشاعر بريشة للدكتور الفنان صلاح الشاردة .
ولد الشاعر بقرية " الزيغن " .. احدى واحات الجنوب الليبي ، فزان ، وعاصر عهد حكم الاسرة القرهمالية .. عهد يوسف باشا ( 1795 – 1932 م ) على وجه الخصوص ، الذي ربطته به علاقة تبدو حميمة الى حد ما .
" الزيغن " كما يصفها احد اسلاف الشاعر : " واحة تتموقع في أحضان الصحراء بالطرف الشمالي لوادي البوانيس .. مثلت في الماضي نقطة التقاء القوافل العابرة للصحراء والقادمة من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال . إذ تتوسط المسافة بين وديان الشاطي ومرزق .. وقد منحتها حالة التواصل مع كل هذه المناطق المترامية أشبه ما يكون ببوابة الصحراء أو بداية الطريق إلى الجنوب حيث فزان وبلاد السودان ( أفريقيا السمراء ) .
في واحة الزيغن .. القرية تتوسط غابات النخيل التي تنتشر في مساحات شاسعة وممتدة إلى مئات السنين حيث شكل التمر إلى جانب الحبوب الغداء الرئيسي والطابع المميز للنشاط الاقتصادي . إضافة إلى الرعي الذي تيسر مهمته توافر الكلأ من عشب العقول والضمران التي تغطي هي الأخرى مساحات مناسبة للرعي وإن لم تكن تثنى الأهالي عن التوجه شمالا نحو مناطق سرت والهاروج في حالات الندرة ، لنفس المهمة ولهمة المقايضة بمنتجات تلك المناطق .
بين الصخور والكتل الجبلية ذات اللون الأسود الغالب والتي تهدي لك بين الحين والأخر تحفة من المتحجرات النباتية أو الحيوانية ، وبين الكثبان الرملية التي هي أشبه بالأمواج وقد توقفت في بحر الرمال ، ترى همسا يؤيد الفرضية القائلة بان رمل الصحراء من إنتاج البحر .. ومهما كان أكيدا أن الماء قد اوجد الكثبان في الصحراء ، فانه أكيد أيضا أن الرياح هي التي منحتها شكلها الخارجي ومنحتها لقبها ــ عرق ــ سيف ــ خشم .
بين هذا وذاك .. وحيث لا يبقى لك إلا الصوت البعيد للأشياء غير المحدودة .. تقف شجرة النخيل .. الوصفة هبة الطبيعة للحياة في الصحراء .. تصارع قسوة الطبيعة لترسم دورة التناغم بين الحياة والموت ، في لوحة ربانية رائعة الجمال ، يملؤها الوفاق والتنافر ، فاللون الأخضر لون الأمل والحياة في طلع النخيل يداعب كثبان الرمال و قفر الماء ".( 1 )
عرف عن الشاعر الترحال ، وتنقلاته داخل وخارج الوطن ، الى الشمال حيث طرابلس الغرب ، وجنوبا حتى بر السودان ، كانم ، اغاديز ، لهتا وراء رغيف الخبز الحافي ، كلما اشتد به الحال ، وضاق المجال ، وقل الزاد .
شاعت شهرة الشاعر ، وتلقفت الالسن قصائده في مختلف الاصقاع ، ورغم ذلك ، ظلت لزمن طويل دون ان يتم جمعها وتبويبها ، ولعل اول مبادرة في هذا الاتجاه ، جهود لجنة التراث بكلية الاداب جامعة بنغازي عام 1973م ، والتي زارت الواحة ، واستمعت الى احفاده وما لا تزال الذاكرة الشعبية تحتفظ به . ( 2 )
بالطبع لم يخلو الامر من تناول بعض الدارسين الذين اتوا على ذكره ضمن دراسات تتناول الشعر الشعبي في ليبيا ، وان ظلت هي الاخرى اشارات مقتضبة تكتفي بذكر بعض من اشعاره ضمن فحول الشعراء الليبيين .
مؤخرا ، اهتم الدكتور محمد سعيد محمد ، استاذ الادب الاندلسي بجامعة سبها ( رحمه الله ) ، بتناول ارث الشاعر في كتاب حمل عنوان " امحمد قنانه حياته وشعره " ( 3 ) ، ورغم الجهد الرائع الذي بدله في محاولة لتتبع سيرة الشاعر وأشعاره ، إلا ان تلك الجهود في مجموعها ، بما في ذلك جهود لجنة التراث ، لم توفق في ضبط بعض القصائد كما ورث احفاده في الرواية الشفهية .
في تقديمها للشاعر ، تصفه لجنة التراث كلية الاداب ، بشاعر الحكمة ، ويضيف الباحث عبدالله زاقوب قائلا : " لم يكن ليخطر ببال الشريف قنانة يوما ، أو ( سيدي قنانة ) ، كما يحب أهله ومحبوه أن ينادونه ، بأنه سيشغل الناس دهراً طويلاً ، وأن شعره سيظل حياً طازجاً يـُروى ، ويضاف إليه ، وأنه سيتحول إلى رمز للحكمة ، والكلمة الفصل ، والمثل الذي يحتذي " ( 4 ) .
لقد حملت لنا اشعاره المقتضبة ، او ما بقي لنا من اثاره ، قصص ترحاله المتعددة ، منها شمالا نحو طرابلس العاصمة ، والتي تشير الى علاقته الوطيدة بالباشا يوسف القرهمانلي ، وقد خاطبه في قصيدة يتأمل منه النظر بعين الرعاية لموطنه فزان ، وظروف اهلها ، حيث شظف العيش ، وتدهور احوالهم المعيشة ، متأملا اعفائهم من الضريبة " الميري " ، قال :
- بلا موت يا باشا تبى تقتلها ** فزان ما رديت بالك منها
- فزان ماهى اصقاله ** ولا هيش فى وادى وسيع الجاله
- فزان بالغرغاز والكياله ** بقعه دعاديش الحمير سقنها
- فزان راهي رعيتك .. فزان ما هي ناسية مديتـك
- وللجـّـي ما تقدر تجيلك لبيتك .. والفضل ما تغفلش ديما عنهــا
- خليتها للزاوى ** وخليتها كيف الجريد التاوى
- يجى يوم ربى يعدله ويساوى ** وتخلص الجمه من طوال قرنها
استهلالية القصيدة عتب على الباشا في اهماله لفزان ، وأنها ليست " صقاله " ، أي زائدة او اضافة ، كما انها ليست بالأرض الصعبة الوصول ، بل فسيحة الارجاء رحبة ، وان اهلها اعتادوا العيش بالقليل من الزاد ، والقليل من الماء باعتماد الري التقليدي ، ودور البهائم في نشل الماء من الابار ، وحبال " الغرغاز " المتينة المصنوعة من ليف النخيل . بل ويلومه ايضا غفلته لها ، وترك امور ادارتها للحاكم " خليفه الزاوي " .
الذي يبدو مهتما فقط بجمع الضرائب ، او انه هو الاخر لديه مشاغله التي تثنيه عن تحسين اوضاعها . وقد اصبحت اشبه بـ " الجريد التاوي " ، أي اغصان النخل الجافة وقد تآكلت بفعل الزمن ، وانه يعول على رد المظالم يوما ما ، كفعل الهي محتوم ، يوم ان " تخلص الجمه من طويل قرنها " ، أي الشاة الضعيفة بلا قرون ، من الشاة القوية ذات القرون . وفي الاثر ان الباشا عندما سمع منه القصيده ، وعده بإعادة النظر ، واستجاب لطلبه .
ايضا في قصيدة اخرى تؤرخ لسفر ابنه " حسونه " ضمن قافلة ابن الباشا ، " كيد الرجال " ، ولم تلقى قبولا لدى الباشا عندما سمع مطلعها في قوله :
- كيد الرجال ونوبة وحسونه ** عليهم حفيظة ربنا مضمونه
اذ اعتبر الباشا القصيدة قللت من هيبة ابنه ، ووضعت ابن الشاعر نظيرا وندا له ، وفي ذات المنزلة ، ما كلفه اضافة ابيات اخرى تبرر قوله :
- كيد الجال ونوبته وعربها ** ومعاهم حسونه كبدتى ناهبها
- والعين ما تعلى على حاجبها ** وكل قط عند امه غزال بلونه
لكن ذلك لم يخفف من غضب الباشا ، فأبعده عن مجلسه ، ما اضطره الى ترك الشمال ، والعودة للاستقرار بفزان .
ثمة ايضا قصيدة اخرى تنقل له عتب زوجته من طول غيابه بالشمال ، يقول مطلعها :
- نا في جبل فزان وانت غادي .. لهاك السفر عن لهوتي ورقادي
اما قصيدته الشهيرة في " حب الوطن " ، ففي الاثر انه انشدها عندما عزم على الرحيل الى ارض السودان ، واختيار الهجرة ملاذا وقد نضب الزاد ، وهي من بين قصائده ذائعة الصيت ، وثمة قصة تروى لحظة اختياره للهجرة ، اذ يبدو ان شح المال كان عائقا دون زواجه من ابنة عمه ، التي رفضت الزواج منه ، وهي الاخرى شاعرة ، وقد أنشدت في رسالة زجر اليه تقول :
- لا نيش صايدتك ولانك طيري .. يلاقيك مكتوبك وتلقى غيري
- مانك جلوه . .. ولانك الطير المرتكز ع العلوه
- وحق النبي وزيارته والخلوه .. هيدوق كيفك مـا يلم شعيري
فكانت قصائده الشهيرة " عزمت عيني " و " حب الوطن " .. " ضيقة الخاطر " ، التي تشي بضجره مما قيل ، وما يقال ، وعتبه على الاخرون ، تفيض حكمة وحسرة ، فرغم ان الوطن حبه الاول ، فقد اضطرا للابتعاد عنه .
في قصيدة ( عزمت عيني ) يقول :
- عزمت عيني عزمها سادبها *** رفيع شوفها تظهر علي منسبـها
- عزمهــا بالنيــه *** وصـبرت عـلي فـرقـا العـزيز عـلــيّا
- واللي قرض ما نال غير السيه *** ونال الحشومه وزينته خـربـهـا
- ابنادم ليّا دار الخطـا بالنيه *** يدور اديار السلطنه يخنبهـا
- عزمها بالمـاضـي*** وعلّي جفـانـى مـا تـرق غـراضــى
- لو كان يبدن طايلات امراضي *** ولطباب عنده امفات هو كاسبهـا
- نحرم ربيعـه فوق بيـه انشـاظي *** ولا نالـف السيّة ولا نقربهـا
- عزمهــا تعـزيمـه *** وصبرت علـي فرقـا الغـوالي ديمــه
- الكحل حجره واللين هو تسقيمـه *** وبلا لـين حتـى العين ما يركبها
- وروس العرب في العرف ماى غشيمه *** تداري على سب القفا جانبها
- عزمها من يمـه *** رفيــع شوفهـا ماهي قليـلـة هـمـه
- ودك بنادم بالوتـــا يسمه *** يداوس اديار الصح ويحاسبــهـا
- كم صف راح اشتات بعد اللمه *** وكم من عرب هبيت وضاع سببها
- عزمهـــا يـا ودي *** ومن وسط قلبي وخاطري ومن جـدي
- ويا من بلاني بشي ما هو عندي *** إن ترميـه في سامر كثير حطبهـا
- ويوم يرحل ساكن البيت يعدي *** كان عشت بنسقط عليه كربهـا
- عزمهـا حقـاني *** وشهــدتهـا عالسـر والبرانـي
- وعندي لها لولب بغير بيانـي *** برم في المدينـة العاصيـة طيبهـا
- يا بال من دز النذيـر وجاني *** وقد من طرا حجـة على كذبـها
- عزمهـا بشطاره *** وصبرت على فرقا العـزيـز وجــاره
- ونا صاحبي عندي معاه ادباره *** علي ساهله وعند العرب ما اصعبها
- عزمهـــا بقرابـه *** وصبرت على فرقا عزيز وجابـه
- ان كان جيت في كسر الحرم ما تابه *** ونا زاد عالفراق ما نغصبها
اما في قصيدة (حب الوطن ) ينشد :
- تركناه حب الوطن نمشوا منّه *** بلا مال لاهو فرض لاهو سنه
- تركناه للفلاحه *** وتركناه للى طالبين الراحه
- وقولوا لبو سالف كما الدرجاحه *** بلا مال حتى ريادنا عافنه
- ترك البين *** احنا وطنا ما هو علينا هين
- وان لهموك الدين لا تدين *** راهو عقاب الدين يبقى غنه
- ترك الباين *** احنا وطننا ما علينا هاين
- وعلة محاريت الجمال دفاين *** والفقر هو بخس الرجال نظنه
- ترك البرمه *** وطياح الورق يهزب غصان الكرمه
- من السرج ليا عند الركاب الحرمه *** ومن طاح يبقى فى المداس مدّنه
- فى المداس مراغه *** وروس العرب لبعاضها تصاغه
- كمين عبد نازل فى منازل لاغا *** وكم كرغلى من درجته واطنه
- كم كرغلى من درجته منعوته *** تواطى بدى قدر الوصيف يفوته
- غلا الفحم رخص قيمة الياقوته *** ولسعاد جلد الفارغه يملنه
- ترك سياسه *** ماهو جفا من وطننا ولا ناسه
- مفات من تفاكير الزمان وباسه *** وليام فى دولاتهن داسنا
- فى دولاتهن ينداسن *** عليّ صبحن ضيم الزمان وماسن
- وسامع حجايج موجعه من ناسن *** ما ينسكن حيط البلاد بهن
- حيط البلاد الدارى *** على ما جرالي هايضات افكارى
- وكميان نار الموجعه فى اسرارى *** صبغ كيف ما يصبغ غيار الحنه
- كيف ما يصبغ مكرر غزله *** وطشم كيف طشم الرزن فوق الهزله
- وحمل السمينه ما تقله هزله *** له لا يدنوها ولا تدنى
- له لا يدنوها ولا هى تشيله *** واسمع كلامى واعتنى فى قيله
- رفعنا ورا ثقل الحميل عديله *** واللى بدا بالموجعه نحسن له
- تركناه للهمازه *** تركناه وطن المرمده والعازه
- لين نقطعوا رقراق دار نفازه *** جنانيب لاهن شلبطه لا شنه
- تركناه للفتفاته *** تركناه للى يعرفوا معاناته
- وصغر الكلام يولد اكباراته *** وكبر الكلام يوحلك فى غنه
- تركناه ترك اخلوقك *** ومشيك مع اللى كارهين يعوقك
- حديثك اليا ما حصله صندوقك *** عليه لا تلوم الناس وقت تشنه
- تركناه ترك الفكره *** وترك العشيه والضحى والبكره
- وكم طير جلاه الجفا من وكره *** والقل هو عيب الرجال انظنه
وفي قصيدة " ضيقة الخاطر " .. ينشد :
- ضيقة الخاطر والحيا المرماده ** تشيب صغير السن قبل انداده
- والحيا المندمه *** تشغشب على ابنادم تنزح دمه
- القل يغبي زول كان مسمى *** والمال يشهر ناس ماهم ساده
- بلا مال ما تقدر شروط الهمه *** وتجواد ما تظهر عليك جوداه
- والحيا المدمومه *** تشغشب على ابنادم أطير نومه
- بلا مال بو جلجل يولى بومه *** وبالمال بو حوام فات العادة
- ناش الحبارى قبل طير الحومه *والصقر حاير فى المعاش اوكاده
- والحيا المعفونه *** تشغشب على ابنادم وتقلب لونه
- كثير الدراهم والعمش فى عيونه ** يشحوه لا كّانه غزال حماده
- وانا مريض وضحكتى مشنونه ** مريض قلب ما نيشى مريض وساده
- والحيا المعطوبه ** تشغشب على ابنادم وتقطع صوبه
- بلا مال تبدا حالته منكوبه ** وبالمال يبدا عزم فات انداده
- بلا مال تبدا عيطه منبوبه ** وفيه السوايا كايده العداده
- والحيا المرعوشه ** تخلى صغير السن راسه لوشه
- والفقر لو ردن عليك جيوشه ** كريم ربنا يرزق معاش عباد
- ان كان الغنىّ من العبد يغلق حوشه ** اما باب ربى ما عليه مكاده
- والحيا المغتصه ** تشغشب على ابنادم وتبرم نصه
- اللى قوى ياخد خيار الحصه ** الا الضعيف من فقره عليه صماده
- واللى معاه العرف ما يتوصى ** يدير كل شىء بالقدر ع المعتاده
- والصغا والهده ** تشيب صغير السن قبل المده
- واللى عطاه الله ظافر قده ** تعلى على الكرسى زها بقعاده
- واللى عقب والفقر قاطع رده * يفوت الصوايب غصب ما هى راده
- والصغا والغصره ** وتسمع كلام العيب فيه الجسره
- بلا مال ما عندك حبيب ونصره ** يفرج عليك الكرب بعد كساده
- ولا ياخدك طول النهار وقصره ** يضوى ظلام الليل بعد سواده
- والصغا لبنادم ** يخليه لونه شين رايه عادم
- لا يصيد يكسب لا جمل لا خادم ** ويبدا حديثه شين بين انداده
- وكثير الدراهم كان جاهم زادم ** يقولوا حديثه زين فعله قادة
- بالمال حتى الخايب ** يجوا معاه جملتهم شباب وشايب
- واما قليل المال قالوا سايب ** يمشى يكر الفحم للحداده
- والمولى على جملة عبيده نايب ** الحكم حكمه والمراد مراده
- ضيقة الخاطر ملت ** عليّ حابسه منها القلوب اعتلت
- تناتيلها وقت الحجايج فلت ** على رى ساعه يسهروا الجباده
- والعين ما جاها طرب وانحلت ** وهى مغير تسكب دمعها بداده
- حالها شينى ** ولانيش عنها من قديم مونى
- اللى ظانه خفف اثقاله عنى ** استشوى تراب الهم زاد رشاده
- ويا ريت بوى من زمان دفنى ** افتكيت رانى م الصغا وعناده
- حالها متبيّن ** تخليك ديمه بين خوتك هين
- فى الجمع لو يبقى حديثك لين ** تقول طيبه ترجع عليك مكاده
- وليا لهموك الدين ما تدين ** واسبق على ربك وسيع ابداده
- واسبق على ربك بحسب وطاعه ** رزقك على ربك بغير نزاعه
- بالك اتبع يا فهيم دناعه ** لو كان ما تكسب ولا وداده
- خليه صوتك يرتفع بشفاعه ** واتبع عباد الصلح والزهاده
- اتبع عباد الصلح راك تسلم ** وتفكر رقاد القبر وقت يظّلم
- واسكت على مولاك لا تتكلم ** ورب القضا يصعب عليك عناده
- وواجب عليك الفرض فيه تسلم ** واصبر على العازات غصب وراده
عودة مرة اخرى الى قصته وابنة عمه التي رفضت الزواج منه .. ورسالتها اليه .. وكانت جميلة .. رائعة الطلة .. وهو الفقير المعدم الي لا يملك ما يمنحة فرصة الزواج منها .. سوى ذريعة .. وقد شعر بأنها نالت من كرامته .. فكان قرار الهجرة الى بر السودان .. لكنه بعد غياب لسنوات ، عاد غانما ميسور الحال ، ووجدها لم تتزوج بعد ، لم يكثرت للأمر . لكنها ارسلت اليه بما يفيد عدولها عن رفضها القديم ، فتقدم لها ، وفي ليلة الزفاف ، طلب اليها اعادة تلك الابيات ، ابت وقالت : كان ذلك قد حدث في زمن مضى ، زمن غرارة الصبا ، لكنه اصر على ان يستمع الى الابيات اولا ، اعادت ما قالت بخجل ، فرد قائلا .. وقبل ان يلامس طرفها :
- يحرم عليّا فتاشك .. ويحرم عليّا مرقدك وفراشك
- وهاو الجمل قلي عليه قشاشك .. وهاي التنيه وين تبي سيري
وعلى اثر سماعها للابيات . خرجت مذعورة ، تولول وتقول :
- بعدي وقبلي يابنات الداله ... ومهبول من يامن في الرجاله
ايضا من قصائده ذائعة الصيت " الأيام كيف الريح " ، " إبنادم اللياخص ماله " ، " الكحل حجره " . والكثير من القصائد التي تنسب اليه ولا يجتمع راي جازم في نسبتها ، سوى انها تنبض بالحكم الرصينة التي عرف بها شعره .
الصورة .. عام 1964.. احفاد الشاعر .. من اليمين وقوفا والدي الحاج السنوسي الشريف علوه قنانه .. جلوسا الحاج علوه بن سعد علوه قنانه .. ويسار وقوفا الحاج قنانة عليوه بن حميد قنانه .. وابنه عليوه .. رحمهم الله جميعا .
- د . عبدالقادر الفيتوري ، كرانيف ، الهيئة العامة للثقافة ، طرابلس ، 2018 م .
- الشعر الشعبي ، لجنة جمع التراث ، كلية الاداب ، المجلد الاول ، بنغازي ، 1973 م .
- ) د . مجمد سعيد محمد ، امحمد قنانه حياته وشعره ، المركز الوطني للدراسات التاريخية ، طرابلس ، 2010 م.
- أ . عبدالله زاقوب ، قنانه الشاعـرحكيما وعاشقا ، مقالة بحثية نشرت بمجلة مهرجان هون السياحي السنوي ، 2001 م .